تأتي كلمة المُعلِّم
لغةً من علَّم تعليماً، ويُقال: علَّم الشيء؛ أي وضَّحه، وبيَّنه. أمّا
اصطلاحاً فإنّه يُعرَّف بأنّه: ذلك الشخص الذي ينوب عن الجماعة في تعليم
الأبناء، وتربيتهم، وهو مُوظَّف من قِبَل جهات حكوميّة في الدولة، حيث يحصل
على مقابل مادّي (راتب) للخدمات التي يُقدِّمها، كما أنّ المُعلَّم
يُعرَّف أيضاً بأنّه: الشخص الذي يحظى بتأهيل عِلميٍّ، ويتمّ اختياره من
قِبل المجتمع؛ ليتولّى عمليّة تعليم الأبناء، وتزويدهم بالخبرات، والمعارف
التي يتمّ إعدادها بواسطة مُختَصِّين؛ لتحقيق أهداف فلسفة التربية لذلك
المجتمع، كما يُمثِّل المُعلِّم حلقة الوصل بين المُتعلِّم، والمجتمع؛
ولذلك يسعى دائماً إلى تسخير قدراته الجسديّة، والذهنيّة في سبيل تحقيق
المواءمة بين مُتطلَّبات الفرد، والمجتمع؛ حتى يعملا معاً وِفق تناسُق رائع
يُعَدُّ التعليم المهنة المُقدَّسة للأنبياء، والرُّسُل، والعلماء؛ حيث بُعِث الأنبياء؛
لتعليم الناس الكتاب، والحكمة، وجعل الله تعالى العلماءَ ورثةَ الأنبياء،
وهي المهنة التي ينظر إليها الأفراد نظرة احترام، وتقدير على مرِّ العصور،
إذ إنّها من أجلّ المِهَن، فهي تتعامل بشكل أساسيّ مع العقل البشريّ الذي يُعتبَر أشرف، وأغلى ما يملك الإنسان بالإضافة إلى أنّ المعلم هو أحد أهمّ الدعامات الأساسيّة؛ لإصلاح النواحي
التعليميّة في أيّ مجتمع، كما أنّه يُعتبَر حجر الزاوية، ومحورها في
العمليّة التعليميّة؛ وذلك في سبيل تحقيق أهداف المشاركة الاجتماعيّة، من
خلال تفاعُله، ومشاركته مع الطلّاب في الفصل الدراسيّ، والعديد من الأنشطة
المختلفة؛ فأهمّية المُعلِّم بذلك تفوق أهمّية الإمكانيّات المادّية،
والبشريّة التي يتوقَّف عليها نجاح، وفاعليّة النظام التعليميّ، كما أنّ
المُعلِّم بدوره يُمثّل القدوة الحسنة التي يُحتذى بها؛ تحقيقاً للمصلحة العامّة للأفراد
وتقعُ على عاتق المُعلِّم مسؤوليّة تربية الأطفال، وإعداد الأجيال
المُستقبَليّة؛ فبالإضافة إلى دوره في تلقين الدروس، فإنّه يُساهم في تطوير
وتنمية قدرات الطلّاب، وإكسابهم مختلف المهارات اللازمة؛ لمواكبة التغيُّرات، والتطوُّرات التي تحدث في حياتهم، وينتقل تأثير المُعلِّم من البيئة المدرسيّة،
إلى المجتمع المُحيط، حيث أصبح بالإمكان تقييم مستوى المدرسة وفق ما تتمّ
ملاحظته في مختلف مظاهر المجتمع، ومدى تطوُّره، بالإضافة إلى مستوى وعي
الأفراد في ذلك المجتمع، وهذا ما يُؤكِّد على مدى أهمّية المُعلِّم، ودوره
في إعداد الإجيال، وصُنع العقول، كما أنّ مكانته في المجتمع عظيمة،
واعتبارُه يفوق كلّ اعتبار مادّي، وقد ذكر جان جاك روسو فَضل المُعلِّم في
أقواله، حيث قال: "الحقّ أنّ الذي يصنع الرجال يجـب أن يكون أكثر من رجل،
أيمكن العثور على المُربّي هذا المخلوق النادر الوجود؟ أمّا أنا فإنّني
أشـعر بعظـم واجبـات المُربِّي ولن أجرؤ يوماً على تحمُّل مسؤوليّة
كمسؤوليّته